الاتجار في الأعضاء البشرية

مما لا شك فيه أن عمليات زراعة الأعضاء تنقذ عشرات الآلاف من الأرواح سنويا. فزراعة كلية أو كبد أو حتى القلب تخفف الألم والمرض. لذلك، تدير العديد من الدول برامج ناجحة للتبرع القانوني بالأعضاء تتضمن أفراد الأسرة أو ضحايا الحوادث.

لكن قوائم انتظار عمليات زراعة الأعضاء أصبحت طويلة، حيث يمكن للمرضى الانتظار لسنوات حتى يتوفر العضو المناسب، الأمر الذي أدى إلى ظهور أحد الأشكال السرية للاتجار بالبشر، ألا وهو الاتجار بالأعضاء البشرية.

لذلك، ينتشر حول العالم وسطاء منعدمو الضمير يعملون في هذه التجارة الخطيرة، حيث يقدمون الرشاوي إلى الأشخاص المستضعفين أو يتنمرون عليهم أو يبتزونهم أو يخدعونهم أو يجبرونهم على التبرع بأعضائهم. ثم يبيعون تلك الأعضاء للأطباء والعيادات والمستشفيات حيث ينتظر المرضى لإجراء عملية زراعة الأعضاء.

تجارة غير مشروعة

ونظرا لأنه ينبغي زراعة الأعضاء بمجرد استئصالها، غالبا ما يتم تهريب الضحايا إلى الدولة التي ستتم فيها عملية زراعة العضو.

وفي الحقيقة، من الصعب جدا الحصول على حقائق مؤكدة عن هذه التجارة غير المشروعة، لكن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن حوالي 10% من عمليات زراعة الأعضاء التي تبلغ 120000 عملية سنويا تتضمن اتجارا في الأعضاء. وهذا يعني أن هناك أكثر من 10000 ضحية في السنة.

وغالبا ما ترتبط تجارة الأعضاء البشرية بعصابات الجريمة المنظمة، لكنها شكل غير معتاد من أشكال الاتجار لأنها تشمل أيضا أشخاصا يعملون في إطار القانون: الأطباء والجراحون والممرضات وسائقو سيارات الإسعاف ومديرو المستشفيات والعيادات.

مشاكل صحية

يستغل تجار الأعضاء البشرية الأشخاص الذين يعانون من ضائقة مالية أي من هم في حاجة ماسة إلى المال وغالبا ما يستقطبون المتبرعين من خلال وعدهم بآلاف الدولارات – وهو مبلغ ضخم بالنسبة للأشخاص المثقل كاهلهم بالفقر أو الديون. لكن الحقيقة المروعة هي أن المتبرعين في غالب الأحيان لا يحصلون إلا على القليل من الأموال التي وُعدوا بها أو لا يحصلون على أي شيء على الإطلاق. وغالبا ما يتعرضون لمشاكل صحية خطيرة بعد استئصال عضو أو جزء من عضو في ظروف خطيرة.

تشير إحدى الدراسات إلى أن 94٪ من الأشخاص الذين يبيعون أعضاءهم مقابل المال يندمون على قرارهم.

وحتى إذا حصل الضحايا على المال، فما يحصلون عليه، لا يزيد عن جزء يسير جدا من المبالغ التي يحصل عليها التجار مقابل العضو الذي استأصلوه منهم. على سبيل المثال، الكلية الواحدة تساوي 70 ألف دولار على الأقل في السوق السوداء.

لا سبيل للحصول على الموافقة

يتم إجبار بعض الضحايا على التبرع بأعضائهم عن طريق التهديد والإكراه. وقد وقع البعض منهم بالفعل ضحية للاتجار بالجنس أو العمل القسري. وربما قيل لهم أن هذه طريقة يمكنهم من خلالها تسوية الديون التي حملهم إياها تجار البشر.

لذلك، من المستحيل قانونا على أي شخص أن يعطي موافقته على التبرع بأحد أعضائه عندما يتم الحصول على هذه الموافقة بوسائل غير مشروعة مثل التهديد بالقوة أو باستخدامها أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استخدام السلطة أو إساءة معاملة شخص مستضعف.